الرئيسية - قصص وروايات - قصة جعلتني ملتزماً الحلقة ٣
قصة جعلتني ملتزماً الحلقة ٣
الساعة 02:20 صباحاً
اقراء ايضاً :
�غلق الفتاة باب غرفتها لتهنأ بعض الشيء بالسلام بينها وبين ذكرياتها التي تستقيها من صورة تحتفظ بها دوما بحقيبتها، فتخرجها كلما كبل الشوق فؤادها المفطور..
والدتها التي لم تبخل يوما بتهذيبها وتلقينها أحسن الأخلاق، وأروع الأذكار، وحسن المعاملة والثبات على دينها في زمن أصبح القابض على دينه كمن يمسك جمرا
والدها الذي لطالما حافظ عليها وأخوها الغالي الذي لم يتأخر عن تلبية حاجاتها أبدا... تلثم الصورة بحزن وتودعها مبتسمة: أعلم أنكم في مكان  أجمل، ستعيش ذكراكم وأصواتكم بداخلي ما حييت، لن أتغير، سأبقى أنا كما ربيتموني، أعدكم
تخلد إلى النوم متفائلة بقدوم يوم سيسجل في حياتها نقلة متميزة: غدا بداية حلمي، أسألك ربي أن توفقني...
تستقبل بكرة اليوم التالي أسعد أيام حياتها فترتدي حجابا أخفى جميع معالم جسمها الصغير، إلا وجها بدى كالقمر المنير، تأملت المرآة تحدث نفسها: ليت حجابي يكتمل ،وقاطع حديثها رنين المحمول:
السلام عليكم، هل أنت جاهزة؟ 
ترد همس معاتبة: طبعا منذ مدة، أين أنت!! في كل مرة تقولين وصلت وأنا لا أزال أنتظر. 
تجيبها ياسمين: أخرتني المفاجأة التي جهزتها لك.. 
بضع لحظات ثم قالت : أنا أمام الباب ألن تفتحي؟
هرولت همس نحو الباب تطير بها اللهفة لاكتشاف المفاجأة التي حضرتها صديقتها.. فعلا لم تتمالك نفسها وعقدت لسانها الدهشة فتسمرت وجحظت عيناها ترسل غيثا من عبر..
بادرتها ياسمين مازحة: هاه، ما رأيك!!
يبدو أن المفاجأة لم تنل إعجابك، سأعود أدراجي إذا.
وارتمت بين أحضانها همس تضمها مباركة تلك الخطوة الرائعة: هذه أجمل مفاجأة رأيتها، يااااه كم أسعدتني، ثبتك الله يا قلبي..
وتنطلق الصديقتان نحو الجامعة، سويا، يحلق بهما الأمل بالله والثبات والعزيمة على تحقيق حلم حياتهما..
.........................
على إحدى طاولات مقهى الجامعة، يجلس كريم متأففا، ينفث غضبا، حين يحاول رفيقه ياسر أن يهدىء من روعه قليلا: إهدأ يا كريم، لا تعالج الأمور هكذا، لعلها تملك سببا مقنعا جعلها تتصرف بذاك الشكل...
يصرخ كريم مجيبا: لست أنا من يهان بتلك الشطحات، من تحسب نفسها، أتصل فتغلق في وجهي الخط!!
فلتذهب إلى الجحيم، والله ما أوليتها اهتماما بعد اليوم... 
ياسر محاولا تغيير الموضوع: طيب يا صديقي وما نفع الغضب الآن وما جدوى جلوسنا بالمقهى، بينما كان الأولى أن نكون بالقسم...
تقبل نحوهما أماني مترنحة تبرر فعلها بلكنة إنجيلزية: كريم سوري، كنت أشعر بملل شديد ولم أرغب في الحديث، خشيت أن أرد فأعكر صفوك ..
يتعمد كريم أن يرد لها الصاع صاعين فيقول مهينا: يا حرام!! حسنا يا صغيرتي، اسمعيني جيدا، اتصلت أمس فقط لأخبرك أنه من الأفضل أن نظل مجرد أصدقاء.. ومضى يشيح بوجهه عنها غاضبا، يرمي بخطاه السريعة معتم البصر حين اصطدم بفتاة لم يلمح حتى طيفها، فتناثرت دفاترها وأغراضها على الأرض دون أن ينتبه إلى ما خلفه من دمار، وغادر دون أدنى اعتذار
قبيل تلك اللحظات كانت همس تقف على عتبات رحتلها، تقول ياسمين: ركزي على القبة يا نجيبة.
ترد همس: هل هذه هي القبة؟ 
وتنطلق ياسمين في التعبير عن مشاعرها: ياااااه، يا لجمال الجامعة، لكن! لا أفهم ما الذي تفعله البنات بأشكالهن!! 
تستطرد منتبهة إلى المقهى: هذا هو المقهى، انتظريني هنا، سأحضر ماء، الجو حار، لا تتحركي من المكان كي لا نتوه من بعضنا
ترد الرفيقة المطيعة: حاضر يا أستاذة ماما. 
وتختفي ياسمين تاركة صديقتها تقف متسمرة ، تذهلها غرابة المشاهد التي صدمت قلبها البريء
فتحمد الله على عفتها وتسرح في تناقضات هذا العالم الجريء.. حين استفاقت على وقع الاصطدام الذي بعثر أغراضها، كائن ما مر من هناك، لا يشبه البشر الذين عهدتهم، وكل من حولها كأنهم ليسوا بشر، لم يلمحها أحد، لم يواسها أحد ولم يساعدها أحد، لكن القلب سر بذلك القدر، ومر الحادث عابرا كأن لم يكن، والتعجب لا يزال يطرح تساؤلاته بداخلها، بينما تنحني لتجمع أغراضها ، إلى أين هاجرت نخوة الرجال! 
واستدارت بغضب حين لفت انتباهها  وجود ذلك الكائن الغريب بين ثلة من الرفاق...

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص